جريمة الابتزاز في السعودية حسب الأنظمة السعودية
تُعد جريمة الابتزاز من الجرائم التي تمس كيان الفرد والمجتمع على حدٍ سواء، حيث تهدف إلى الإضرار بالضحية ماديًا أو معنويًا بإجباره على تنفيذ طلبات غير مشروعة تحت التهديد أو الإكراه. وفي ظل التطور التقني وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الجريمة أكثر تعقيدًا وانتشارًا، مما استدعى تدخلًا حاسمًا من المشرع السعودي لمعالجة آثارها وتجريمها بنصوص واضحة ورادعة.
في هذه المقالة، نسلط الضوء على أركان جريمة الابتزاز، أنواعها، العقوبات النظامية المقررة لها في السعودية، والسبل الوقائية لحماية الأفراد، وذلك استنادًا إلى الأنظمة الرسمية مثل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام مكافحة التحرش وغيرها.
أولاً: تعريف جريمة الابتزاز
جريمة الابتزاز هي قيام شخص بتهديد آخر بكشف أسرار أو نشر معلومات أو صور أو مقاطع فيديو، بهدف إجباره على القيام بفعل معين أو الامتناع عن فعل دون وجه حق. ويكون الابتزاز جنائيًا عندما يتم التهديد مقابل منفعة مادية أو جنسية أو معنوية.
ويتخذ الابتزاز صورًا متعددة، منها:
- الابتزاز الإلكتروني.
- الابتزاز المالي.
- الابتزاز العاطفي أو الأسري.
- الابتزاز الوظيفي أو الإداري.
ثانيًا: أركان جريمة الابتزاز في النظام السعودي
لتقوم جريمة الابتزاز وفق النظام، يجب توفر الأركان التالية:
- الركن المادي: ويتمثل في السلوك الإجرامي، كالتهديد بنشر أو كشف معلومات.
- الركن المعنوي: وهو القصد الجنائي أي نية الجاني في الإضرار بالضحية.
- الركن القانوني: وجود نص نظامي يجرم هذا الفعل، مثل المادة 3 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ثالثًا: الابتزاز الإلكتروني وأبرز أشكاله
في العصر الرقمي، أصبح الابتزاز الإلكتروني من أكثر أنواع الابتزاز شيوعًا، ويتم من خلال:
- اختراق حسابات التواصل الاجتماعي وسرقة الصور أو المحادثات.
- تصوير الضحية دون علمه.
- تهديد الفتيات أو القُصّر بمحتوى خاص للحصول على أموال أو صور أخرى.
ونصت المادة (3) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على ما يلي:
“يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد عن 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب أيًا من الجرائم التالية: إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.”
رابط النظام: نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية – هيئة الخبراء
رابعًا: العقوبات النظامية للابتزاز
تختلف العقوبة حسب نوع الابتزاز وسياقه، وقد تتدرج على النحو التالي:
- السجن حتى خمس سنوات.
- غرامة تصل إلى ثلاثة ملايين ريال.
- أو كلتا العقوبتين معًا في الحالات المشددة.
وتُغلظ العقوبات في الحالات التالية:
- إذا كان الضحية قاصرًا.
- إذا ارتكب الجاني الجريمة باستخدام صفة وظيفية أو سلطوية.
- إذا ترتب على الابتزاز أذى نفسي أو جسدي شديد للضحية.
خامسًا: الجهة المختصة في السعودية
تستقبل الجهات التالية بلاغات الابتزاز في المملكة العربية السعودية:
- الشرطة عبر الرقم 999.
- النيابة العامة.
- هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- منصة “كلنا أمن” عبر التطبيق أو الموقع الإلكتروني.
كما يمكن التواصل مع وحدة مكافحة الجرائم المعلوماتية مباشرة أو التقدم ببلاغ عبر بوابة وزارة الداخلية:
سادسًا: حماية الضحية وضمان السرية
حرص النظام السعودي على حماية الضحية، ونص صراحة على:
- ضمان السرية التامة للمبلغين.
- منع الجاني من التواصل مع الضحية خلال التحقيق.
- اتخاذ تدابير وقائية فورية لمنع تفاقم الأضرار، مثل حجب المحتوى الإلكتروني أو مصادرة الأجهزة المستخدمة.
سابعًا: مسؤولية الجهات المختصة والمحامين
يقع على عاتق المحامين دور مهم في حماية الضحايا من الابتزاز، ويتمثل ذلك في:
- تقديم المشورة القانونية العاجلة.
- رفع الشكاوى الرسمية أمام النيابة العامة.
- تمثيل الضحية أمام الجهات القضائية.
- المطالبة بالتعويض عن الأضرار النفسية والمادية.
وتُقدم شركة نخبة للمحاماة والاستشارات القانونية الدعم القانوني الكامل للمتضررين من الابتزاز، عبر فريق متخصص في الجرائم المعلوماتية والقضايا الجنائية.
موقع الشركة الرسمي: www.elite-law.com
ثامنًا: الوقاية من الابتزاز وأهم النصائح
للحماية من الوقوع ضحية لجريمة الابتزاز، يُنصح بما يلي:
- عدم مشاركة البيانات أو الصور الشخصية على الإنترنت.
- استخدام كلمات مرور قوية وتفعيل خاصية التحقق الثنائي.
- الحذر من التواصل مع حسابات مجهولة أو غير موثوقة.
- الإبلاغ الفوري عن أي تهديد أو محاولة ابتزاز.
- الاحتفاظ بالأدلة الرقمية مثل الرسائل أو الصور.
تاسعًا: مواقف قضائية واجتهادات
تشير الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم السعودية إلى صرامة القضاة في التعامل مع جرائم الابتزاز، حيث تم إصدار أحكام بالسجن والغرامة والإبعاد في بعض القضايا التي يكون فيها الجاني أجنبيًا.
وقد أيدت محكمة الاستئناف في عدد من الأحكام مبدأ “لا يُعذر أحد بجهله بالقانون”، مؤكدًة على أن الجريمة تقع بمجرد التهديد، حتى إن لم ينفذ الجاني تهديده.
أفضل محامي
عاشرًا: خلاصة
إن جريمة الابتزاز تعد من الجرائم المؤثرة اجتماعيًا وأخلاقيًا، وتتطلب تعاونًا مشتركًا من الجهات الأمنية، والتشريعية، والمجتمعية، ووسائل الإعلام، لنشر الوعي، وتحقيق الردع، وضمان عدم تكرارها.
ومن هنا، فإن المعرفة بالحقوق القانونية، والحرص على التواصل مع محامٍ مختص، واتخاذ الخطوات الوقائية، تمثل الركيزة الأساسية لحماية النفس والمجتمع من هذا الخطر.